جمعة الناصري
عدد المساهمات : 365 تاريخ التسجيل : 20/08/2009
| موضوع: في ظلال رمضان الجمعة 21 أغسطس 2009, 00:49 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
نحمد الله أن بلَّغنا شهر القرآن والصّبر والفتوحات والغفران ، شهر يصفَّد فيه الشيطان
وتنزل فيه الرحمات ، وتُغلق فيه أبواب النيران ، فالسعيد من غُفر له ذنبه
والشقي من شَقِي به .. شهر الجدّ والإخلاص والعبادة
شهر أخفى الله حقيقة أجره ليسعد المؤمن بسعة رحمته
شهرٌ الصائم والقائم فيه إيماناً واحتسابا يُغفر له ما تقدم من ذنبه
فأي خير هذا الذي حل على أهل الإسلام ..
هذا شهر تصفّى فيه النفوس كما تصفّى الأجساد ، شهر تجديد صلة العبد بربه
والعبد بإخوانه ، شهر اختُصّ به المسلمون وحُرمه سائر ملل الكفر في الأرض
فيالشقاء غير المسلمين فيه ، ويالفرحة المسلمين به ..
أما حقيقة الصوم ومراده : فالتقوى ، وترك ما نهى الله عنه من بعض المباحات
وسائر المحرمات ، قال عليّ رضي الله عنه
*****;ليس الصيام من الطعام والشراب ، ولكن من الكذب والباطل واللغو*****;
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه *****;إذا صمتَ فليصم سمعك وبصرك ولسانك
عن الكذب والمآثم ، ودع أذى الخادم ، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك ،
ولا تجعل يوم صيامك ويوم فطرك سواء*****;
وعن أبي ذّر رضي الله عنه *****;إذا صُمتَ فتحفّظ ما استطعت*****; ..
إنه أوان ترك الشهوات تقرباً إلى الله ، إنه أوان ترك الشبهات ليسعد المؤمن بمولاه
إنه شهر يدع المؤمن فيه قول الزور والعمل به
ويترك الكلمة المنافية للصفاء الإيماني والنقاء الوجداني فيسمو بروحه ليبلغ الجوزاء
ويحلّق بها في السماء بعيداً عن المنغّصات الأرضية ..
فالصوم جُنة ، ومفتاح لأبواب الجنة يُعطى لأصحاب النفوس المطمئنة ..
الصوم نصف الصبر ، والصبر نصف الإيمان ، والله تعالى قال
{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ..
الشقيّ في رمضان من فرح عند فطره ولم يفرح عند لقاء ربه ..
الشقيّ في رمضان من تلذذ بالموائد الحسان ولم يلج باب الريان ..
الشقيّ في رمضان من ترك الطعام والشراب ولم يترك معاداة وهجران الأحباب والخلان ..
الشقي في رمضان من جعل لياليه أكل وشرب وهو مأمور بالتقلل منها
وإنما أيام الأكل والشرب الأعياد ، فلا يقدّم أحدنا عيد الفطر ويجعله في رمضان
إن رمضان عيد النفس والقلب ..
الصائم في رمضان مخلص إذا ترك المراء والجدال والزور واشتغل بخاصة نفسه
فهذّبها ودرّبها على السكون وترك الهيجان ، وعوّدها الطاعة وترك العصيان ،
فكل الأعمال تظهر للناس إلّا الصوم لا يطّلع عليه غير الواحد الديّان
فالصائم تارك لما يفطّره سائر الوقت ، لا يطّلع عليه إلّا مولاه ، فمن حُرم الإخلاص
وحُرم التغيير وحُرم الصفاء في هذا الشهر ، فقد حُرم
{ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } ..
ليس هذا مجال ذكر أركان الصيام وواجباته ومستحباته ومكروهاته ومحرماته
أو نواقضه ، فإن ذلك معلوم مشهور مبذول للناس ولله الحمد ، وإنما هذا مجال
تذكير للناس بتجديد التوحيد ، وتجديد الإخلاص ، وتجديد العمل ، وتجديد الأخلاق
وتجديد العلاقات ، وتجديد المعاملات ، وتجديد جزيئات الدماء في العروق
وتضييقها على الشيطان فلا يسلكها حراً كما كان ..
من يُرِدْ مُلك الجِنان ... فلْيدعْ عنه التواني
ولْيَصِلْ صوماً بصومٍ ... إن هذا العيشَ فاني
إنما العيشُ جوار الله ... في دار الأمــانِ
ونستغل هذه المناسبة العظيمة لنهنّئ المجاهدين بحلول الشهر
ونسأل الله أن يعينهم على صيامه وقيامه على أكمل وجه
ونسأل الله - كما بلّغهم هذا الشهر - أن يمتعنا ببقائهم ويبلغهم رمضان القادم
منتصرين فاتحين ، لعدوّهم داحرين ، وبجحافلهم إلى الأقصى قاصدين ..
مبارك الشهر على كل مجاهد في سبيل الله في أي بقعة من بقاع الأرض
يجاهد لإعلاء كلمة الله ودحر أعداء الله ..
نسأل الله أن يتقبل صيام الصائمين ، وجهاد المجاهدين
وقيام القائمين ، وقراءة القارئين للذكر المبين ..
وصلّى الإله وسلّم على سيّد الصائمين المبعوث بين يدي الساعة
بالسيف رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
| |
|