المرأة لها دور واسع في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

سماحة الشيخ الخليلي:
الدعوة تتعرض لطمس معالمها والله يختار من عباده من يدافع عن الحق.
المرأة لها مجال واسع في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بنات جنسها.
أكد
سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة أن كل عصر من
العصور تتعرض فيه الدعوة لأعاصير مختلفة من أجل طمس معالمها وتغيير طرقها
ولكن الله سبحانه وتعالى غالب على أمره يهيئ من يختاره من عباده وإمائه من
أجل الدفاع عن الحق.


وأوضح
أن في عصرنا هذا أصبحت هناك تيارات تعصف كثيرا بالقيم آتية من هنا وهناك
بحكم التقارب العالمي وعلى الامة أن تكون ثابتة لا تتأثر بهذه المؤثرات
ولا تتزعزع.

وبين
ان الإنسان في خسر في دنياه وفي أخراه الا عندما يحرص على الإيمان الصحيح
الراسخ والعمل السوي وعلى التواصي بالحق والتواصي بالصبر.

وقال: ان كل من خرج عن طاعة الله ورسوله ليس له نصيب في ولاية المؤمنين فالنصوص القرآنية جاءت مؤكدة على هذا المعنى.

وأكد ان على المؤمنين والمؤمنات جميعا أن يحرصوا على أن يكونوا أولياء لله وأن يكون بعضهم أولياء لبعض وأن يكون بينهم الترابط.

وقال:
لا ريب أن للمرأة مجالا واسعا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بنات
جنسها مشيرا إلى أن هناك الكثير من الامهات ربين أولادهن على الصلاح
والاستقامة والبر والتقوى، جاء ذلك في محاضرته التي ألقاها لطالبات معهد
العلوم الشرعية خلال الاسبوع الماضي وإلى نص ما جاء في هذه المحاضرة:

يقول
سماحته: انها لفرصة سعيدة أن نلتقي في هذا الصرح العلمي بطالبات اليوم
وأمهات المستقبل اللواتي يحملن على كاهلهن مسؤولية عظمى مسؤولية إبلاغ
الرسالة لأن هذه الرسالة بلغها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأمة
جميعا فحملها من كل خلف عدوله سواء كانوا ذكورا أو اناثا قاموا بإبلاغ
الرسالة إلى من بعدهم وهكذا تتوالى الحلقات المباركة في هذه السلسلة
المباركة فمن كل جيل يحمل هذه الامانة من يحملها ممن وفقه الله سبحانه
وتعالى بحملها أولئك الذين هدى الله وأولئك الذين شرح الله صدورهم للإيمان
ووفقهم للحق واتاهم العلم النافع ووفقهم للعمل الصالح وجعلهم هداة مهتدين
يدافعون عن دينه وينافحون عن الإيمان الذي جاءت به رسله.

ولا
ريب ان لكل عصر من العصور تتعرض فيه الدعوة لأعاصير مختلفة تهب من هنا
وهناك من أجل طمس معالمها وتغيير طرقها ولكن الله سبحانه وتعالى غالب على
أمره يهيئ من يختاره من عباده وامائه من أجل الدفاع عن الحق وعصرنا هذا
ومع هذا التقارب الذي حدث ما بين الأقطار بحيث اصبح العالم بأطرافه
وزواياه كأنما هو مجرد عمارة واحدة تحيط أهل كل جانب من جوانبها على كل
جميع من فيها اصبحت هذه التيارات تعصف كثيرا بالقيم التي تأتي من هنا
وهناك بحكم هذا التقارب فالأمة المسلمة مع ما آتاها الله سبحانه وتعالى من
خير ووفقها له من هداية عليها أن تكون ثابتة لا تتأثر بهذه المؤثرات ولا
تتزعزع أمام هذه الاعاصير بل عليها أن تسير قدما في سبيل الحق.

ومن
المعلوم أن الله سبحانه جعل هذه الحياة ميدانا للسباق والناس يقطعونها
بسرعة مذهلة ثم أنهم يتفاوتون فيما يحملون منها من زاد إلى الدار الآخرة
فهناك الموفق وهناك المحروم فالموفق هو الذي أحسن عمله إذ الله سبحانه
وتعالى حكم على الجنس البشري كله بالخسران إلا أولئك الذين جمعوا بين خصال
معينة لخصت في سورة قصيرة من سور القرآن الكريم يقول الله سبحانه وتعالى:
(بسم الله الرحمن الرحيم والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا
وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) فالإنسان في خسر في دنياه
وفي خسر في أخراه إلا عندما يحرص على هذه الخصال يحرص على الإيمان الصحيح
الراسخ ويحرص على العمل السوي الصالح ويحرص على التواصي بالحق والتواصي
بالصبر لأن البشر جعلهم الله سبحانه وتعالى بمثابة الأمة الواحدة بما في
بينهم من التكافل والتداخل وتشابك المصالح، فلذلك كان لزاما عليهم أن
يحرصوا على التواصي بالحق وعلى التواصي بالصبر وامة الاسلام هي المسؤولة
عن ذلك لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ
يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

هذه
الأمة فيها الرجال وفيها النساء هم الذين يحملون هذه الأمانة ويبلغون هذه
الرسالة فان الله عز وجل فرض أن تكون هناك ولاية من المؤمن للمؤمن سواء
الذكور أو الاناث فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ولكن لحمة هذه
الولاية وسداها ما بينه الله سبحانه وتعالى في كتابه عندما قال بعد أن فرض
هذه الولاية ما بين المؤمنين والمؤمنات: (وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ
سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فنرى في هذه الآية
الكريمة ما يبين ان هذه الولاية ما بين المؤمنين والمؤمنات لا تتحقق إلا
عندما تكتمل هذه الخصال المطلوبة وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وإقامة الصلاة وايتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله فالامر بالمعروف والنهي عن
المنكر قدًما على كل شيء حتى على إقام الصلاة إيتاء الزكاة مع ان إقام
الصلاة وايتاء الزكاة ركنان من أركان الاسلام فإقام الصلاة في مقدمة
الاركان العملية التطبيقية وهو الركن البدني الذي يمارسه الانسان بجسده
ومعه قلبه بحيث يجتمع القلب والقالب معا على إقام الصلاة.

أما
ايتاء الزكاة فهو الركن المالي الاجتماعي من اركان الاسلام ولكن مع ذلك
قدم عليهما الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم ذكرت بعد ذلك طاعة الله
ورسوله المطلقة التي تتناول كل جزئية من جزئيات الحياة فاذن على من كل من
يحرص على أن ينخرط في سلك المؤمنين والمؤمنات وأن يكون من أهل ولايتهم ان
يحظ على هذا الامر على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واقام الصلاة
وايتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله لأن كل من خرج عن طاعة الله ورسوله ليس
له نصيب في ولاية المؤمنين اذ ولاية المؤمنين انما هي الاصطفاء والاصطفاء
لا يكون الا لهؤلاء الذين جمعوا بين هذه الخصال .

ونحن
نرى كيف جاءت النصوص القرآنية مؤكدة على هذا المعنى فإن الله سبحانه
وتعالى أجاب نوحا عليه السلام وهو النبي الصالح الذي لبث في قومه الف سنة
الا خمسين عاما يدعوهم إلى الله ويصبر على اذاهم ويكابد العنت
والبلاء منهم ومع ذلك عندما قال لله سبحانه وتعالى (ان ابني من أهلي وان
وعدك الحق) فرد عليه الله سبحانه وتعالى عليه بقوله (انه ليس من أهلك انه
عَمَلٌ غيرُ صالح) يعني انه خرج عن طاعة الله سبحانه وتعالى بالعمل غير
الصالح الذي عمله ولا ريب ان هذا يعني ان كل من عمل عملا غير صالح فهذا
حكمه ذلك لأن جملة (انه عمل غير )صالح جاءت تعليلاً لقوله (انه ليس من
أهلك).

فهذه
هي قراءة الجمهور والتعبير من كونه عملا غير صالح من اجل المبالغة وإنما
من القراء السبعة من قرأ انه (عَمِلَ غيرَ صالح) هذه قراءة الكسائي وقد
رويت عن اربعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وهذا يعني ان كل من علم
عملا غير صالح فليس له من نصيب في ولاية المؤمنين والمؤمنات .

كذلك
نجد أن الله تعالى يقول: (فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا
يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) ومعنى هذا أن هذا الحكم معلل
بالفسوق فكل من فسق اذ خرج عن طاعة الله سبحانه وتعالى ليس له نصيب من
ولاية المؤمنين والمؤمنات فعلى المؤمنين والمؤمنات جميعا أن يحرصوا على أن
يكونوا أولياء لله وأن يكون بعضهم أولياء لبعض وأن يكون بينهم هذا الترابط
وذلك من خلال هذه الخصال المذكورة وهي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
واقام الصلاة وايتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله في كل ما امر الله تعالى أو
رسوله وفي كل ما نهى الله تعالى عنه أو رسوله فمن خرج عن طاعة الله لا ريب
أنه ضل ضلالا مبينا وكذلك من خرج عن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فكل من
عصى الرسول عصى الله فطاعة الرسول من طاعة الله (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ
فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ
حَفِيظًا) [النساء:80 فمن هنا نجد ان على الجميع الحرص على استيفاء هذه
الخصال استيفاء خصال الايمان واستيفاء أسباب الولاية وهي الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر واقام الصلاة وايتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله.

نحن
نرى كيف صدرت هذه الخصال بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأجل أهميتهما
لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهما يحفظ الدين وبهما يحافظ على
اقام الصلاة وعلى ايتاء الزكاة وعلى طاعة الله ورسوله فهما بمثابة الحصن
الحصين للمحافظة على الدين وعندما يخترق الحصن لاريب ان الامن الذي يتوفر
فيه يتلاشى فلذلك يجب على الجميع أن يحرصوا عليه.

ولا
ريب أن للمرأة مجالا واسعا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذلك لأن
بامكانها أن تقوم بهذا الدور في بنات جنسها وما أحوج النساء إلى من يأمرهن
بالأمر بالمعروف وينهاهن عن المنكر ويبصرهن بأمر الدين ويقوم بهذا الواجب
تجاههن فهناك الجهل الكثير عند النساء بحيث لا يدرين شيئا من أحكام دينهن
قط ولربما كانت الأهواء تعصف بنفوس كثير منهن فلذلك وجب أن يكون في بنات
جنسهن من يقوم بتبصيرهن وأمرهن بالمعروف ونهيهن عن المنكر.

ثم
بجانب هذا أن المرأة تعد بأن تكون هي بانية الأجيال ومؤسسة المستقبل تعد
لأن تربي أولادها التربية الصالحة المستقيمة وهي بامكانها أن تؤثر كذلك
على زوجها فربما صلح الرجل واستقام بسبب تأثير امرأته الصالحة وكم من رجال
كانوا على ضلالة وعلى غي ولكن بسبب تأثير نسائهم الصالحات خرجوا مما كانوا
عليه من الضلال والفساد إلى الهدى والصلاح وهذا مما يعود الفضل فيه إلى من
يقوم بهذا الامر من النساء.

وكذلك بالنسبة إلى الأولاد فلربما كان الاب ضالا غويا ولكن الابن مستقيم بسبب
تأثير الام الصالحة فكم من أم ربت أولادها على الصلاح وعلى الاستقامة وعلى
البر والتقوى وفي تاريخ الاسلام نماذج من بينهن أم عمر بن عبد العزيز رضي
الله تعالى عنه الذي خرج عن مسلك بني امية بسبب تأثير أمه التي كانت دائما
تذكره بعهد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهو جدها وتدعوه إلى اتباع
هذه السيرة فأثرت هذه التربية في نفسه تأثيرا بالغا بحيث خرج بالسفينة عن
مجراها عند ما ولي قيادتها وكان ربانها خرج بتلك السفينة عن ذلك الانحراف
الذي انحرفه بنو أمية من قبله بها وردها إلى جادة الصواب وكما قال له
عبدالله بن الأهتم في الخطبة التي ألقاها بين يديه بعد أن حمد الله وأثنى
عليه وذكر سيرة النبي صلى الله عليه وكيف كان مسلك الخلافة الراشدة وما
أصاب الأمة بعد ذلك بعد هذا وجه الخطاب إلى عمر فقال له: (ثم انك يا
عمر ابن الدنيا ولدتك ملوكها وألقمتك ثديها فلما وليتها ألقيتها حيث
ألقاها الله وآثارت ما عند الله فالحمد لله الذي جلى بك حوبتها وكشف بك
كربتها فامض ولا تلتفت فإنه لا يغني عن الحق شيئا اقول قولي هذا واستغفر
الله العظيم لي ولكم).

هكذا
كان مسلك عمر بن عبدالعزيز ونحن نرجو ان تكون كل واحدة منكن على ذلك النهج
ان تكون الام الصالحة وان تسير على هذا النهج وان تحرص على تربية أبنائها
وبجانب هذا فإن دور المرأة لا يتوقف مع هذه الحدود المحصورة بل يمكنها
ايضا ان تأمر بالمعروف وأن تنهى عن المنكر وأن ترجع إلى الحق وأن تبصر
الناس به وكذلك مشاركتها في الكتابة سواء في الصحافة أو في شبكة المعلومات
العالمية فإنها من خلال ذلك يمكنها أن تدخل في مواقع الشبكة وتؤثر تأثيرا
ايجابيا.

فبما
ان هذه المجموعة وهذه النخبة الصالحة تجتمع في هذا الصرح العلمي من اجل
تلقي المعارف الشرعية ومن اجل التكيف على وفق تعاليم الاسلام نرجو ان تكون
كل واحدة منكن بمثابة رسولة داعية مبشرة بالخير داعية إليه ناهية عن الشر
منفرة عنه وهكذا لتسير هذه السفينة إلى الامام إن شاء الله.

وكما
وقع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من تأثير كبير للمرأة في تلك
الحركة التي قادها الرسول صلى الله عليه وسلم فعلمتم بدور السيدة خديجة
رضي الله تعالى عنها نرجو ان تكون نساء اليوم يحذون هذا الحذو ويسرن على
هذا النهج ويتمسكن بهذا الحب المتين ونسأل الله تعالى التوفيق.
-------------------------------
جريدة عمان، الجمعة 4 ذي القعدة 1430هـ
الموافق 23 من أكتوبر 2009م
متابعة - سيف بن ناصر الخروصي

نعم للمرأة الدور الكبير في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر



ولقد كان هذه الدور واضحا عند نساء الاباضية


ويكفينا شرفا قول جحا عن النساء الاباضيات في زمانه حين قال كان الرجال في زماننا يتمنون الزواج بالاباضيات



ويكفينا شرفا دور بلجاء الخزامية في التاريخ الاسلامي ووقوفها في وجه الدولة الاموية الظالمة



ويكفينا شرفا ان نذكر دور عائشة الريامية في الاصلاح ونشر الدين زمن اليعاربة



وكثير من نساء المذهب الاباضي الذين وقفن وقفة حق ونشرن الاسلام وكافحن من اجله بارواحهن ومالهن