جمعة الناصري
عدد المساهمات : 365 تاريخ التسجيل : 20/08/2009
| موضوع: لقاء مع سماحة الشيخ الخليلي حول كتابه جواهر التفسير الأحد 11 أبريل 2010, 06:01 | |
| هذا لقاء نشر على صفحات مجلة العقيدة العمانية (العدد387) ، وقد توقفت المجلة عن الصدور في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وهذا اللقاء هو مع سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة ، وهو مهم جدا لكونه يتناول موضوع التفسير عند سماحة الشيخ، وقد أجرى اللقاء/ أحمد سليم، وإليكم اللقاء:
بسم الله الرحمن الرحيم سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة للعقيدة تفسير القرآن الكريم بلا إفراط ولا تفريط
السؤال: سماحة المفتي... كيف بدأت الفكرة .. وكيف نمت وتكاملت أصبحت واقعاً ؟ كعادته دائماً يبدأ سماحة المفتي إجابته علي أي سؤال:
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
فإن القرآن الكريم مصدر كل خير ومنبع كل هداية ولذلك فإنه يجب علي المسلمين أن تتظافر جهودهم علي نشره في أوساط البشر حتى يملأوا بهذا النور الأفق البشري فيخرجوا هذه الإنسانية الضالة الحائرة من متاهتها إلي العلم واليقين والمعرفة والنور وبصفتي أحد المسلمين أشعر أنني أتحمل واجباً أو جزءاً من هذا الواجب المقدس تجاه كتاب الله تعالى.
ولقد كنت منذ مدة طويلة أشعر بالرغبة في أن أقدم خدمة للإسلام والمسلمين من خلال دراسة القرآن وتدريسه وتفسيره حتى يتمكن من يستفيد من هذا التفسير الكريم من العمل لصالح الإسلام والمسلمين ، ولقد كانت هذه الفكرة تخامرني منذ نحو عشر سنين ، حتى شاء الله سبحانه وتعالي أن تتحول إلي حقيقة ملموسة في هذا العام الذي نحن فيه ولقد كانت الأشغال الكثيرة تحول بيني وبين تنفيذ هذه الفكرة ولكني اختلست ظروفاً من الوقت بحسب ما يمكن لإلقاء دروس في التفسير في جامع قابوس بروي غير أن كثير من الأخوان الحوا علي في أن يخرج هذا التفسير من كونه دروساً تلقي إلي كونه أثراً يبقي فاختاروه بأن تنتقل هذه الدروس من الأشرطة وتسجل وتهذب حتى يستفيد منها القراء بعد أن يستفيد منها المستمعون . -------------------- السؤال: من المعروف أن للتفسير مناهج عديدة .... منها ما يهتم باللفظ ومشتقاته وإعجازه ومنها ما يغوص بحثاً عن المعنى وإبعاده ، ما هو المنهج الذي اتبعته سماحتكم في تفسيركم للقرآن الكريم ؟؟
الجواب: التفسير هو إبراز معني القرآن الكريم ... وإنما اختلف الناس في التفسير ، فسلكوا مسالك متعددة ، فمنهم من يعني بألفاظه وهؤلاء الذين يعنون بالألفاظ منهم من أخذ يبحث في أعراب القرآن ومنهم من أخذ يبحث في بلاغة القرآن ومنهم من أخذ يبحث في اشتقاق الكلمات التي وردت في القرآن ويبحث معني هذه الكلمات اللغوية وطائفة من العلماء عنيت بمعني القرآن وهؤلاء أيضاً قد سلكوا مسالك فمنهم من عنى بالفقه ومنهم من عنى بالأحاديث التي جاءت تفسيراً للقرآن الكريم أو التي تحوم حول المسائل التي أشير إليها في القرآن الكريم ومنهم من عنى بقصص القرآن ومنهم من عنى بعظاته وهكذا سلك الناس مسالك متعددة في بينان القرآن الكريم وأخذ التفسير يتطور بتطور الزمن .
ففي العصر الحديث قد أكتشف الناس جوانب من هذا الكون الواسع لم تكتشف من قبل والقرآن الكريم هو كتاب الدهر كله ، فهو يتحدى الناس ببلاغته ، ويتحدى الناس بتشريعاته ويتحدى الناس بما فيه من آداب وأخلاق ، ويتحدى الناس بما فيه من حقائق لم تكن تدور ببال إنسان في ذلك الوقت الذي أنزل فيه القرآن الكريم ، وذلك لأن القرآن باق بقاء الدهر ، وشاء اله سبحانه وتعالي أن يكون خطابه ملائماً لكل جيل يأتي ، ومسايراً لتطورات الأزمنة لذلك أثرت الاكتشافات العلمية في تفسير القرآن ، ولا أنكر أن هناك طائف أخري غالت وأفرطت بحيث أخذت تفسير القرآن الكريم بكل النظريات الحديثة مع أن هذه النظريات كثير منها قابل للتغيير والتبديل ، وإذا فسرنا القرآن بالنظريات بدون تمحيص لها وبدون بحث عن أساسها فإننا نعرض القرآن لأن يبدل فيه بين حين وآخر ن ولكن المنهج السليم في ذلك هو المنهج الوسط الذي لا إفراط فيه وهو أن يفسر القرآن بالحقائق العلمية الصادقة الثابتة إذا جاءت ألفاظ القرآن الكريم داله عليها دلالة واضحة أما إذا كانت مشيرة إليها فحسب فإنما نكتفي أن نقول لعل – المحتمل من هذا .... هذا...
والقرآن نفسه قد أشار إلي أنه سيأتي عبر الزمن من بيان لآيات اله تعالي في الأنفس وفي الآفاق يثبت بأن هذا القرآن حق من عند الله ، واله سبحانه وتعالي يقول: (( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) )).
ولقد أحببت أن أسلك في هذا التفسير مسلكاً وسطاً بين الإفراط في ذكر الآيات الكونية أو في ذكر النظريات العلمية فحسب ، بل أعني تجنب الإفراط في كل شئ حتى في ذكر المصطلحات ، حتى توارت هداية القرآن وراءها في كثير من كتب التفسير فإن كثير من المفسرين عنوا بالمصطلحات العلمية ومنهم من عنى بالمصطلحات البلاغية ومنهم من عني بالمصطلحات الفقهية ومنهم من عنى بمصطلحات الأصول ومنهم من عنى بالمصطلحات الكلامية وهذا سلك المفسرون مسالك متعددة قد أدي كثير منها إلي اختفاء هداية القرآن الكريم وراء المصطلحات التي حشروها في سلوكهم هذه المسالك وإنما ان تجنب هذه المصطلحات الكثيرة وآتي بما لا بد منه أو آتي بما تدل عليه تلك المصطلحات بدون ذكرها لأني أخاطب عامة الناس ، وكثير من أولئك لا علم لهم بتلك المصطلحات كما أن هداية القرآن قريبة إلي أذهان الناس فكذلك يجب أن يكون تفسير القرآن قريباً إلي أذهانهم . ------------------ السؤال: كم من الزمن سيستغرقه هذا التفسير حتى يتم الانتهاء منه بإذن الله تعالي ؟
الجواب: الآن بدأت ألقي هذه الدروس بالمسجد في ليلة واحدة كل أسبوع ( ليلة الثلاثاء ) وارجوا أن تتاح لي الفرص في المستقبل لأن أتوسع فألقي بهذه الدروس في كل ليلة أو في أغلب ليالي الأسبوع .... ان منّ الله تعالي بالتوفيق ، ولا أستطيع أن أقدر الوقت الآن لأن القضايا تستجد والأحداث تحدث ، وكل هذه القضايا يجب أن تعالج علي ضوء القرآن الكريم فما أدري ما يأتي به المستقبل مما يجب أن استعرضه خلال التفسير ، وهنالك الكثير من المبادئ والأفكار التي تتبلور ويجب أن تعرض بالقرآن حتى نعلم الردئ من الجيد منها ونعلم الحق من الباطل منها ... لأجل ذلك لا أستطيع أن أقدر الوقت الذي سوف ينتهي هذا التفسير إليه ، إنما أرجو من الله سبحانه وتعالي أن يوفقني في الختام كما وفقني في البداية . -------------------
ولد سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة في شهر رجب 1361هـ (( يوليو 1942 )) وتلقي العلم في مسقط رأسه في زنجبار علي بعض الشيوخ المحليين حتى بلغ عمره أثنين وعشرين عاماً فحضر غلي عمان واعتمد علي القراءة والمطالعة المستمرة والمكثفة مع تردده علي بعض الشيوخ للاستفادة منهم ... أشعر في أعماقي بسؤال ملح طالما راودني كثيراً. وهو كيف ... كيف استطاع الشيخ أحمد بن حمد الخليلي وهو في هذا السن الشاب أن يحيط بكل ما يعرفه وأن يتعمق إلي هذا الحد العجيب في دراسة الإسلام بكل جوانبه قرآنا وحديثاً وفقهاً وفلسفة وأحكاماً وتشريعاً ومنهجاً كاملاً للحياة والإنسان ...
هذا الرجل الذي تسأله عن أي شيء وفي أي قضية وحول أي فتوى فينطلق في حديثه متمكناً مدركاً معطياً أسخي العطاء من علمه وفكره وفقهه ... هذا الرجل الذي لا تملك أمامه إلا الشعور العميق بالإيمان الراسخ والعلم الغزير والموهبة الفذة أتخفف من الحاح السؤال بإلقائه إليه ...
وبكل التواضع والبساطة يجيبني : أنا لا أملك تجاه هذا الشعور سوي أن أقول كما روي عن سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه : الهم أجعلني خيراً مما يظنون وأغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون ، فأنا أعوذ بالله أن أكون من الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا وأشعر في نفسي بالقصور وإنني دون المستوى الذي يرفعني الناس إليه بكثير فأنا لم أجتهد في الدراسة كما اجتهد غيري ولا ألممت بما المَّ به غيري من صنوف العلم ولكني اسأل الله أن يعينني على الخير .
| |
|